اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 122
المستحسن في سلوك طريق التوحيد بينكم وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ المحظور المستقبح وَذلك الأمر والنهى انما يصدر عنكم لكونكم تُؤْمِنُونَ وتوقنون أنتم في انفسكم بِاللَّهِ المستوي على عروش ذرائر الكائنات بالاعتدال الذي هو صراط الله الأقوم وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ بأجمعهم بدينكم وملتكم لَكانَ خَيْراً لَهُمْ ينجيهم ايمانهم هذا عن ورطتي الإفراط والتفريط ويهديهم الى صراط مستقيم موصل الى الوحدة الذاتية وان كان القليل مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الداخلون في حصن الايمان والتوحيد مع المؤمنين الداخلين فيه وَلكن أَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ الخارجون عن حدود الله وعن مقتضى حكمه وأحكامه وبالجملة لا تبالوا ايها الموحدون بفسوقهم وعصيانهم
إذ لَنْ يَضُرُّوكُمْ بفعلهم هذا ضررا فاحشا إِلَّا أَذىً قد صدر من سقطات ألسنتهم والفاظهم من التقريع والتشنيع عليكم وَإِنْ بالغوا في العداوة الى ان يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ البتة اضطرارا وانهزاما ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ بالكر عليكم بعد الفر منكم بل ينصركم الله عليهم بنصره العزيز ويخذلهم ويذلهم لذلك
قد ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ والمسكنة والصغار والهوان دائما أَيْنَ ما ثُقِفُوا ووجدوا صاروا مهانين صاغرين إِلَّا المعتصمين منهم بِحَبْلٍ نازل مِنَ عند اللَّهِ الا وهو عبارة عن الانقياد بدين الإسلام وَحَبْلٍ اى عهد وثيق وذمة مؤكدة مِنَ قبل النَّاسِ يعنى المؤمنين وَبعد ما باؤُ ورجعوا عن تصديق الإسلام المنزل على خير الأنام استحقوا بِغَضَبٍ عظيم نازل مِنَ اللَّهِ بمقتضى قهره وَلا يمكنهم دفعه إذ قد ضُرِبَتْ اى تمكنت وتقررت عَلَيْهِمُ الذلة والْمَسْكَنَةُ المذمومة الناشئة من خباثة طينتهم بحيث لا يرجى عزتهم أصلا ذلِكَ اى ضرب الذلة والهوان عليهم بِأَنَّهُمْ كانُوا في أوان عزتهم وعظمتهم يَكْفُرُونَ ويكذبون مستهزئين بِآياتِ اللَّهِ المنزلة من عنده وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ اى بلا رخصة شرعية ذلِكَ الكفر والقتل الصادر منهم بِما عَصَوْا اى بسبب عصيانهم وبشؤم خروجهم عن اطاعة امر الله والانقياد لأحكامه عتوا وعنادا وَالحال انهم لا يجبرون عصيانهم بالتوبة بل كانُوا يَعْتَدُونَ ويتجاوزون عن حدود الله بالمرة ويقتلون من يقيمها ويتقلد بها عنادا واستكبارا
ومع ذلك لَيْسُوا سَواءً اى ليس جميع اهل الكتاب مستوية الاقدام في الإنكار والاعتداء بل مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ايضا أُمَّةٌ قائِمَةٌ مؤمنة مستقيمة على صراط العدالة لأنهم يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ الدالة على هدايته وتوحيده آناءَ اللَّيْلِ اى جميع أطرافه وساعاته وَهُمْ يَسْجُدُونَ ويصلون فيه خاضعين واضعين جباههم على تراب المذلة رغبة اليه سبحانه وخوفا من خشيته ورجاء من سعة رحمته
وذلك لأنهم يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ اى بوحدانيته وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وبتحقق وقوعه وصدقه وَمع ذلك يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ ويبادرون الى الطاعات المؤدية الى إسقاط الإضافات وقطع التعلقات المستلزمة لرفع الحجب وأستار التعينات المانعة عن المكاشفات والمشاهدات وَبالجملة أُولئِكَ المتصفون منهم بهذه الصفات العلية مِنَ زمرة الصَّالِحِينَ بسلوك سبيل الحق المستوجبين للوصول الى سواء التوحيد الذي هو السواد الأعظم المشار اليه في الحديث النبوي صلوات الله وسلامه على قائله
وَبالجملة ما يَفْعَلُوا اى هؤلاء الموصوفون منهم مِنْ خَيْرٍ طالبين فيه رضا الله راجين ثوابه خائفين عن عقابه فَلَنْ يُكْفَرُوهُ اى لن ينقصوا من اجره بل يزدادوا ويضاعفوا وَاللَّهُ المفضل المنعم على عموم العباد
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 122